الدوق : مرحبا بك.. خذ مكانك.
أمحيط انت بتفاصيل النزاع الذى تنظرة هذة المحكمة الآن ؟
القاضى : أ ُحطت بتفاصيل القضية كلها . أيهما التاجر ، وأيهما اليهودى؟
الدوق : ليتقدم كل من أنطونيو و شايلوك (اليهودى ).
القاضى : إسمك شايلوك ؟
اليهودى: شايلوك هو إسمى .
القاضى : لقضيتك طابع غريب . غير أن قوانين البندقية لا تملك أن تمنعك من السير فى إجراءاتها..
وأنت.. الواقع تحت رحمتة . ؟
نعم كذا يقول
القاضى : أتعترف بصحة هذا الصك ؟
نعم
القاضى : فلزاما عليك أيها اليهودى إذن أن تكون رحيما ً
اليهودى: ما الذى يلزمنى بذلك ؟ خبرنى ؟
القاضى : لا دخل للإلزام فى مشاعر الرحمة . فهى كالرزاز تهبط على ما تحتها . وهى تبارك الطرفين معا ،ً من كان مصدرها ومن كان موضعها ، وهى تبدو فى أقوى صورها فى أقوى الناس ، فتزين الملك على عرشة أكثر مما يزينه تاجه . قد يكون تاجه رمزا ً لسلطته الدنيوية ومهابته وجلالته ، فهو مصدر خشية الناس من الملوك . وأما الرحمة فأعلى شأناً من التاج والصولجان ، إنها تجلس على عرش قلب الملك .
وهى من صفات الله نفسه ، مما يجعل فى السلطة الدنيويه شبها ً بقوة الله ، حين تجلل الرحمة العدالة .. وحيث انك ايها اليهودى تطالب بتحقيق العدالة، فإنى أريدك أن تتدبر هذه الحقيقة : وهى أننا إن التزمنا بالعداله وحدها فلم يكتب لأحد منا الخلاص.
إننا فى دعاءنا نطلب لأنفسنا الرحمة. وهذا الدعاء ذاتة يعلمنا واجب الإشفاق على الآخرين . وما أطلت حديثى هذا إلا لأحد من مغالاتك فى طلب العداله.
ذلك أنك إن مضيت فى طريقك هذا ، فلن تجد هذة المحكمة الصارمه هنا فى البندقية مفرا من الحكم ضد ذلك التاجر الواقف هناك.
اليهودى: أنا المسؤل وحدى عن تصرفاتى . أريد تطبيق القانون وتوقيع العقوبة وتنفيذ أحكام العقد .
القاضى : أما فى وسعه أن يسدد الدين ؟
الصديق : بل بمقدورة وها أنا أسدد نيابة عنه فى قاعة هذة المحكمة بل أدفع ضعف المبلغ ، فإن لم يكفِه فأنا على إستعداد لأن ألزم نفسى بدفع عشرة أضعاف بضمان يداى ورأسى وقلبى ، فإن لم يرضه ذلك سيكون واضحا أن الحقد كانت له الغلبة على الأمانة ، فإنى أتوسل إليكم أن تستخدموا سلطانكم ولو لمرة واحدة لتعطيل القانون .
ونفسد إرادة هذا الشيطان المريد. فلا شك فى أنه لابد من بعض الظلم من أجل تحقيق الخير الكبير .
القاضى : هذا لا يجوز . فما من سلطة فى البندقية بوسعها أن تعبث بقانون مستقر ، وإلا شكل ذلك العبث سابقة .ً تعرف الدوله بعدها مزيد من خرق القوانين .
هذا أمر لا يجوز .
اليهودى: هو دانيال نفسه قد أتى ليحكم !! أجل دانيال بعينه ! ما أجدرك أيها القاضى الشاب الحكيم .
القاضى : أرينى الصك لو سمحت .
اليهودى: هذا هو أيها الفقيه الموقر . هاك الصك.
القاضى : شايلوك .. إنهم يعرضون عليك ثلاثة أضعاف المبلغ.
اليهودى: لقد أقسمت ، أقسمت ، أقسمت بالله ، فهل أحنث بيمينى فأهلك ؟ لأ وحقك وإن وضعوا البندقية فى يمينى .
القاضى : نعم لقد قبل التاجر بشوط العقد ، ولليهودى حق قانونى فى المطالبة برطل من اللحم يقطعه من أقرب موضع إلى قلب التاجر .. كن رحيما يا شايلوك . خذ ثلاثة أضعاف المبلغ ، وإسمح لى أن أمزق الصك .
اليهودى: سأسمح بذلك بعد تنفيذ بنوده .. إنه ليبدو لى أنك قاض حصيف . فأنت تعرف القانون جيدا ، وكان عرضك له ممتاز . ولذلك فإنى أطالبك بإسم القانون ـ وأنت العمدة فية ـ أن تواصل متابعة القضية وأقسم بروحى أنه ما من قوة فى لسان مخلوق أن تحولنى عن رايى .. وأنا متمسك بحقى .
............................
القاضى : أن كان الأمر كذلك فلتعد صدرك لإستقبال سكينَهُ
اليهودى: ما أنبلك أيها القاضى، وما أعظمك أيها الشاب .
القاضى : بمقتضى نص القانون يجب توقيع العقوبة المتفق عليها فى بنود الصك .
اليهودى: ما من شك فى ذلك . ألا ما أحكمك وأعدلك أيها القاضى . الظاهر أنك أكبر سنا ً بكثير مما توحى به ملامحك.
القاضى : إذن إكشف صدرك.
اليهودى: نعم صدرة . كذا يقول الصك . أليس كذلك أيها القاضى النبيل ؟ " من أقرب موضع ألى قلبه " كذا يذكر النص حرفيا ً.
القاضى : هو ذاك . أهناك ميزان لوزن اللحم ؟
اليهودى: قد أعددت ميزان .
القاضى : ولنستدع جراحا على نفقتك يا شايلوك ليوقف نزف جراحه حتى لا يموت .
اليهودى: أهذا مذكور فى الصك ؟
القاضى : لا ولكنك تحسن صنعا إن فعلت ذلك من قبيل الشفقة .
اليهودى: لا أجد هذا الإلتزام. ليس مذكور فى الصك .
.............. ....................
.............. ....................
القاضى : من حقك إقتطاع رطل من اللحم من جسد التاجر المذكور . المحكمة تسمح بذلك والقانون يؤيده
اليهودى: حكمت فعدلت.
القاضى : وعليك أن تقتطع اللحم من صدره .. القانون يجيز ذلك والمحكمة تؤيده .
اليهودى: إنك لقاضى علامه ! قد صدر الحكم
هيا فلنستعد.
القاضى : أنتظرلحظة فهناك شئ آخر ، هذا الصك لا يجيز لك أن تأخذ قطرة واحدة من الدم . فنص الكلمات هو " رطل من اللحم " نفذ إذن شروط الصك وخذ الرطل من اللحم. غير أنك إن أرقت أثناء إقتطاعك إياه قطرة دم واحده ، صودرت أملاكك وبضائعك بمقتضى قوانين البندقيه ، وأصبحت ملكاً للدولة .
اليهودى: أهكذا يقول القانون ؟
القاضى : ستقرأ الماده بنفسك . فحيث أنك تلح فى طلب تطبيق القانون . فتأكد أن تطبيقه سيكون أكثر مما تحب .
اليهودى: سأقبل إذن ما عُرض على ، هاتوا ثلاث أضعاف قيمة الدين وليطلق سراح التاجر.
الصديق : هاك المال.
القاضى : إنتظر بل سينال اليهودى حقه القانونى .
.. إنتظروا ولا تتعجلوا لن يأخذ غير ما نص عليه الصك . فلنستعد إذن لإقتطاع اللحم . ولا تسفك دما ً، ولا تقتطع أقل ولا أكثر من رطل واحد من اللحم . فأنت إن أخذت أقل أو أكثر من رطل بالضبط . ولوبمقدار جرام واحد ، بل ولو بمقدار واحد على عشرين من الجرام ، بل ولو بمقدار شعره يتحرك لها الميزان فسيحكم عليك بالموت ومصادرة كل ما تملك .
... ... ... ... ...
القاضى : لماذا يتردد اليهودى ؟ خذ حقك.
اليهودى: إعطونى أصل الدين ودعونى أنصرف .
الصديق : المبلغ جاهز عندى . إليك هو .
القاضى : لقد رفضه أمام المحكمة ، ولن يأخذ غير ما يقضى به القانون وينص عليه الصك.
اليهودى: ألا يسمح لى بمجرد إسترداد قيمة الدين ؟
القاضى : لن يسمح لك بغير رطل اللحم تأخذه على مسؤليتك أيها اليهودى .
اليهودى: حسناً إذن فليبارك له الشيطان فيه !! ، ولن أنتظر نهاية المحكمة.
القاضى : إنتظر أيها اليهودى .
.. فثمة أمر آخر فيما يتعلق بك . ذلك أن قوانين البندقيه تقضى على أنه إذا ثبت أن أجنبيا حاول ـ بشكل مباشر أو غير مباشر ـ أن يسلب حياة أحد مواطنيها ، فللشخص الذى تمت المحاوله ضده نصف ممتلكات المعتدى ، ويؤول النصف الثانى إلى خزانة الدولة ، ويضحى للتاجر وحده دون أى طرف آخر أن يقضى بإعدام المعتدى أو إخلاء سبيله .
وإنما ذكرت أن هذا القانون يسرى عليك لأن من الواضح أنك قد حاولت بوسائل غير مباشرة بل وبوسائل مباشره أيضا . أن تسلب المدعى عليه حياته ،وهو ما يدخل تحت طائلة قانون العقوبات المذكور آنفاً.
أركع إذن وأطلب الرحمة .
هذا نص ما كتبه وليم شكسبير، فى شهيرتة تاجر البندقية . الفصل الرابع . المشهد الأول . مشهد محاكمة اليهودى المرابى " صاحب الحق "
منذ عام 1600 أى منذ 408 عام. موضحا الفروق القليلة بل وغير المرئيه احيانا بين ثلاث .
العدل والقانون والرحمه.
ولكن دعونا نجتاز كل ذلك إلى السبب والهدف من كتابة هذا العمل، فقد كانت هناك احداث واقعية هى ما دفعت وليم شكسبير الى الكتابة . كى تكون كلماته لنا رسائل نفهم منها شيءً بعد ربطه بواقع الأحداث آنذاك.
والسؤال : لماذا لم نعد نمتلك ذلك ولماذا إنفصلنا عن واقعنا إلى هذا الحد . ؟
...................................................................
هامش : (1)
انظروا جيدا ولا تتعجلوا الحكم
لأن المعيار ليس دائما
ما نراه
فكثيرا ما نرى بغير أعيننا
...
ندرك الشر
من عينيه الواسعتان حين نكون ضعفاء المواجهه
وحين إنزوائه خجلا ً وإنكسارا ً خبيثا ً
فى الصدام القوى
وفى كل هزيمة
حين يهرول ليتوارى وراء الأفق
البعيد
يرمينا بنظرة تحدى
تعلن عن عودة أخرى
ويعود
...
تلك الحلقة المفرغة
التى متى إنتهت
يكون الخلاص
....................
هامش : (2)
أرانى كثيراً أخاف المواجهه معى
أخشى البوح
دائما هو المحفز الخارجى
وإما
خامل ، و مستكين
آلة يومية الحياة ، وحبيسة روتينيات
أصبحت غير مملة
لم أعد أدرى
هل أنا فى إنتظار شئ ما
أم ... ميت .